کد مطلب:370105 سه شنبه 13 تير 1396 آمار بازدید:1569

عمرو بن الحمق
 

[صفحه 248]

عمرو بن الحمق‏


(1)


96- جبریل بن أحمد الفاریابی، (2) حدثنی محمد بن عبد اللّه بن مهران، عن الحسن بن محبوب، عن أبی القاسم و هو معاویة بن عمار (إن شاء اللّه) رفعه، قال:


______________________________

عمرو بن الحمق‏


عمرو بن الحمق- باهمال الحاء و فتحها و كسر المیم- صاحب رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله كان من قتلة عثمان، و شهد مع أمیر المؤمنین علیه السّلام مشاهده كلها، و روى أبو عمرو الكشی- رحمه اللّه تعالى-: أنه من حواری أمیر المؤمنین علیه السّلام.


قال الشیخ- رحمه اللّه- فی باب أصحاب أمیر المؤمنین علیه السّلام: عمرو بن الحمق الخزاعی‏[691].


و كذلك قال فی أصحاب أبی محمد الحسین بن علی علیهما السّلام: عمرو بن الحمق الخزاعی‏[692].


و فی مختصر الذهبی: عمرو بن الحمق الخزاعی صحابی، عنه جبیر بن نفیر، و رفاعة بن شداد، و جماعة، قتل بالموصل سنة 51 بعثمان.


قوله رحمه اللّه تعالى: جبریل بن أحمد الفاریابی‏


قد تقدم تحقیق حاله، و الطریق هذا ضعیف بمحمد بن عبد اللّه بن مهران و هو غال كذاب.


و فی القاموس: فراب كسحاب قریة قرب سمرقند، ذكر تارة باصفهان، و كحربال بلد ببلخ، أو هو فیریاب ككیمیاء، أو فاریاب كقاصعاء و كساباط ناحیة وراء نهر سیحون‏[693].


[صفحه 249]


أرسل رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله سریة، فقال لهم: انكم تضلون ساعة كذا من اللیل فخذوا ذات الیسار، فانكم تمرون برجل فی شأنه فتسترشدونه، فیأبى أن یرشدكم حتى تصیبوا من طعامه فیذبح لكم كبشا فیطعمكم ثم یقوم فیرشدكم، فأقرئوه منی السّلام و اعلموه أنی قد ظهرت بالمدینة.


فمضوا فضلوا الطریق، فقال قائل منهم: أ لم یقل لكم رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله تیاسروا ففعلوا فمروا بالرجل الذی قال لهم رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله فاستر شدوه؟ فقال لهم الرجل لا أفعل حتى تصیبوا من طعامی، ففعلوا، فأرشدهم الطریق. و نسوا ان یقرءوه السّلام من رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله.


قال، فقال لهم و هو عمرو بن الحمق (رضی اللّه عنه) أظهر النبی علیه السّلام بالمدینة فقالوا: نعم. فلحق به و لبث معه ما شاء اللّه.


ثم قال له رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله: ارجع الى الموضع الذی منه هاجرت فاذا تولى أمیر المؤمنین علیه السّلام فآته.


فانصرف الرجل حتى اذا تولى أمیر المؤمنین علیه السّلام الكوفة، أتاه و أقام معه بالكوفة، ثم ان أمیر المؤمنین علیه السّلام قال له أ لك دار؟ قال: نعم. قال: بعها و اجعلها فی الازد، فانی غدا لو غبت لطلبك، فمنعك الازد حتى تخرج من الكوفة متوجها الى حصن الموصل، فتمر برجل مقعد فتقعد عنده، ثم تستقیه فیسقیك، و یسألك عن شأنك فأخبره و ادعه الى الإسلام فانه یسلم، و أمسح بیدك على وركیه فان اللّه یمسح ما به و ینهض قائما فیتبعك.


و تمرّ برجل أعمى على ظهر الطریق، فتستسقیه فیسقیك، و یسألك عن شأنك فأخبره و ادعه الى الإسلام فانه یسلم، و أمسح یدك على عینیه فان اللّه عز و جل یعیده بصیرا فیتبعك، و هما یواریان بدنك فی التراب، ثم تتبعك الخیل فاذا صرت قریبا من الحصن فی موضع كذا و كذا رهقتك الخیل، فأنزل عن فرسك و مرّ الى الغار، فانه یشترك فی دمك فسقة من الجن و الانس.


______________________________


[صفحه 250]


ففعل ما قال أمیر المؤمنین علیه السّلام قال، فلما انتهى الى الحصن قال للرجلین: اصعدا فانظرا هل تریان شیئا؟ قالا نرى خیلا مقبلة، فنزل عن فرسه و دخل الغار و عار فرسه (1) فلما دخل الغار ضربه أسود (2) سالخ فیه، و جاءت الخیل فلما رأوا فرسه عائرا قالوا هذا فرسه و هو قریب، فطلبه الرجال فأصابوه فی الغار فكلما ضربوا ایدیهم الى شی‏ء من جسمه تبعهم اللحم، فأخذوا رأسه، فأتوا به معاویة، فنصبه على رمح، و هو أول رأس نصب فی الإسلام.


97- قال الكشى: و روى‏ أن مروان بن الحكم كتب الى معاویة و هو عامله على المدینة: أما بعد. فان عمرو بن عثمان ذكر أن رجلا من أهل العراق (3) و وجوه أهل‏


______________________________

قوله: و عار فرسه‏


باهمال العین قبل الالف و الراء بعدها. قال فی المغرب: عار الفرس یعیر ذهب هنا و هنا من نشاطه: أوهام على وجهه لا یثنیه شی‏ء، و منه قوله فیما لا یجوز بیعه كذا و كذا. و الفرس العائر و العاند من العاند من العناد تصحیف، و یقال: سهم عایر لا یدری من رماه.


قوله: ضربه أسود سالخ‏


باهمال السین قبل الالف و اللام بعدها و اعجام الخاء أخیرا.


قال فی القاموس: و السالخ اسم الاسود من الحیات و الانثى أسودة، و لا توصف بسالخة و أسود و أسودان سالخ، و أساود سالخة و سوالخ‏[694].


قوله أن رجلا من أهل العراق‏


بفتح الراء و اسكان الجیم على جمع راجل، أو بالزاء المضمومة و الجیم المفتوحة، أی جماعات على جمع الزجلة بالضم و هی الجماعة، أو بالزاء المفتوحة


[صفحه 251]


الحجاز یختلفون الى الحسین بن علی، و ذكر أنه لا یأمن و ثوبه، و قد بحثت عن ذلك فبلغنی أنه یرید الخلاف یومه هذا، و لست آمن أن یكون هذا أیضا لما بعده، فاكتب إلی برأیك فی هذا، و السّلام.


فكتب الیه معاویة: أما بعد: فقد بلغنی كتابك و فهمت ما ذكرت فیه من أمر الحسین، فایاك أن تعرض للحسین فی شی‏ء و اترك حسینا ما تركك، فانا لا نرید أن تعرّض له فی شی‏ء ما و فی ببیعتنا و لم ینز على سلطاننا، (1) فاكمن عنه ما لم یبد لك صفحته، (2) و السّلام.


______________________________

و الجیم الساكنة، بمعنى ارسال الحمام للاختبار و الاستخبار.


قوله علیه و على شجرته الملعونة الخبیثة أصلا و فصلا أشد اللعن و العذاب: ما لم ینز على سلطاننا


بفتح حرف المضارعة و اسكان النون و ضم الزاء، من نزا على الشی‏ء ینزو نزوا و نزوانا: أی وثب و ثوبا و ثبانا، و قلب فلان ینزو الى كذا ینازع و یتوق الیه، و التنزی التوثب و التسرع.


و فی مجمل اللغة: التنزی تسرع الانسان الى الشر، و ما نزاك على كذا أی ما حملك علیه، یقال: بالتشدید و بالتخفیف، و رجل منزو بكذا مولع به.


قوله: فاكمن عنه ما لم یبدلك صفحته‏


من كمن له كمونا، بمعنى تواری و استخفی.


قال فی المغرب: و منه الكمین من حیل الحرب، و هو أن یستخفوا فی مكمن لا یفطن لهم، و كمن عنه كمونا أی اختفی.


و فی القاموس: ان الفعل منه من بابی نصر و سمع، و یقال: فی المشهور من بابی ضرب و نصر[695].


[صفحه 252]


98- و كتب معاویة الى الحسین بن علی علیه السّلام أما بعد- فقد انتهیت إلی أمور عنك. ان كانت حقا فقد أظنّك تركتها رغبة فدعها، و لعمر اللّه ان من أعطى اللّه عهده و میثاقه لجدیر بالوفاء و ان كان الذی بلغنی باطلا فانك أنت أعذل الناس لذلك (1) و عظ نفسك فاذكره و لعهد اللّه أوف، فانك متى ما أنكرك تنكرنی و متى أكدك تكدنی فاتق شقّك عصا هذه الامة و ان یردهم اللّه على یدیك فی فتنة، و قد عرفت الناس و بلوتهم، فانظر لنفسك و لدینك و لأمة محمد صلّى اللّه علیه و آله و لا  یسخفنّك السفهاء و الذین لا یعلمون.


99- فلما وصل الكتاب الى الحسین علیه السّلام كتب الیه: أما بعد- فقد بلغنی كتابك، تذكر أنه قد بلغك عنی أمور أنت لی عنها راغب و أنا لغیرها عندك جدیر فان الحسنات لا یهدى لها و لا یرد الیها الا اللّه، و أما ما ذكرت أنه انتهى إلیك عنی فانه انما رقاه إلیك الملاقون المشّاءون بالنمیم، و ما أرید لك حربا و لا علیك خلافا، و ایم اللّه انی لخائف للّه فی ترك ذلك، و ما أظن اللّه راضیا بترك ذلك، و لا عاذرا بدون الاعذار فیه إلیك و فی أولیائك القاسطین الملحدین حزب الظلمة و أولیاء الشیاطین.


أ لست القاتل حجر بن عدی أخا كندة، (2) و المصلین العابدین الذین كانوا


______________________________

و «یبد» بضم حرف المضارعة من باب الافعال.


و «صفحة الشی‏ء» وجهه و جانبه، أی ما لم یظهر لك وجهه و جانبه، و لم یتكافح و لم یتظاهر لك بالمعاندة و المعاداة.


قوله: فانك أنت أعذل الناس لذلك‏


باعجام الذال بعد العین المهملة، من العذل بمعنى الملامة، یقال: عذلت الرجل اذا لمته، و عذلنا فلان فاعتذل أی لام نفسه و أعتب، یعنی أنت أحق الناس بأن تكون عاذلا لمثل ذلك لائما علیه مستنكرا ایاه، فخلیق بك أن لا ترتكبه أبدا.


قوله علیه و على شجرته الطیبة المقدسة المبارك أصلها و فرعها صلوات اللّه التامات و تسلیماته النامیات: أ لست القاتل حجر بن عدى أخا كنده‏


حجر بن عدی الكندی من خواص أمیر المؤمنین علیه السّلام و أصفیاء أصحابه‏


[صفحه 253]


ینكرون الظلم و یستعظمون البدع و لا یخافون فی اللّه لومة لائم؟ ثم قتلتهم ظلما و عدوانا من بعد ما كنت اعطیتهم الایمان المغلظة و المواثیق المؤكدة لا تأخذهم بحدث كان بینك و بینهم و لا بإحنة تجدها فی نفسك.


أ و لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله العبد الصالح الذی أبلته العبادة فنحل جسمه و صفرت لونه؟ بعد ما آمنته و أعطیته من عهود اللّه و مواثیقه ما لو أعطیته طائرا لنزل إلیك من رأس الجبل، ثم قتلته جرأة على ربك و استخفافا


______________________________

و أولیاءه، و ذكره بعضهم فی عداد الصحابة.


و فی القاموس: حجر- بالضم- والد امرء القیس وجده الاعلى، و ابن عدی و ابن ربیعة و ابن یزید صحابیون، و ابن العنبس تابعی‏[696].


و قال یوسف بن عبد البر و الحافظ أبو نعیم: حجر بن عنبس و قیل: ابن قیس الكندی و حجر بن عدی الأدبر، ذكرا فیمن روى عن النبی صلّى اللّه علیه و آله، و لا تثبت لأحدهما صحبته‏[697].


و الشیخ- رحمه اللّه تعالى- فی كتاب الرجال قال فی أصحاب أمیر المؤمنین علیه السّلام حجر بن عدی الكندی و كان من الابدال‏[698] ثم ذكره فی أصحاب أبی محمد الحسن ابن علی علیهما السّلام و قال: حجر بن عدی الكندی الكوفی‏[699].


قلت: و ایراده فی أصحاب أبی عبد اللّه الصادق علیه السّلام كان خطأ لقول سید الشهداء أبی عبد اللّه الحسین بن علی علیهما السّلام لمعاویة فی هذه الروایة: أ لست القاتل حجر بن عدی أخا كنده.


و قال أبو الحسن المسعودی- رحمه اللّه تعالى- فی مروج الذهب: و فی‏


[صفحه 254]


..........


______________________________

سنة ثلاث و خمسین قتل معاویة حجر بن عدی الكندی، و هو أول من قتل صبرا فی الإسلام، حمله زیاد من الكوفة و معه تسعة عشر نفرا من أهل الكوفة و أربعة من غیرها.


فلما صار الى مرج عذراء على اثنى عشر میلا من دمشق تقدم البرید بأخبارهم الى معاویة، فبعث الیهم برجل أعور، فلما أشرف على حجر و أصحابه، قال رجل منهم: ان صدق الرجل‏[700] فانه سیقتل منا النصف و ینجو الباقون فقیل له: و كیف ذلك؟ قال: أما ترون الرجل المقبل مصابا فی إحدى عینیه.


فلما وصل الیهم قال لحجر: ان أمیر المؤمنین قد أمرنی بقتلك یا رأس الضلال و معدن الكفر و الطغیان و المتولی لأبی تراب، الا أن ترجعوا عن كفركم و تلعنوا أصحابكم و تتبرّءوا منه.


فقال حجر و جماعته ممن كان معه: ان الصبر على مرّ[701] السیف لا یسر علینا مما تدعونا الیه، ثم القدوم على اللّه و على نبیه و على وصیه أحب إلینا من دخول النار و أجاب نصف من كان معه الى البراءة من علی.


فلما قدم حجر لیقتل قال: دعونی أصلی ركعتین فطول فی صلاته، فقیل له:


أ جزعا من الموت؟ قال: لا، و لكنی ما تطهرت للصلاة قط إلا صلیت، و ما صلیت قط أخف من هذه، و كیف أجزع و أنی لأرى قبرا مفتوحا و سیفا مشهورا و كفنا منشورا ثم قدم فنحر: و الحق به من وافقه على قوله من أصحابه.


و قیل: ان قتلهم كان فی سنة خمسین، و ذكر أن عدی بن حاتم الطائی دخل على معاویة: فقال له معاویة: أما أنه قد بقیت قطرة من دم عثمان لا یمحوها الا دم شریف من أشراف الیمن.


[صفحه 255]


بذلك العهد، أ و لست المدعى زیاد بن سمیة المولود على فراش عبید ثقیف؟ فزعمت انه ابن أبیك (1) و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله: الولد للفراش و للعاهر الحجر، فتركت سنة رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله تعمدا و تبعت هواك بغیر هدى من اللّه.


______________________________

فقال عدی: و اللّه ان قلوبنا التی أبغضاك فیها لفی صدورنا و ان سیوفنا التی قاتلناك بها لعلى عواتقنا، و لئن أدنیت إلینا شبرا لندلی إلیك من الشر شبرا، و ان حرجمة[702] الحلقوم و حشرجة الحیزوم لا هون علینا من أن نسمع المساءة فی علی علیه السّلام فسل السیف یا معاویة یبعث السیف.


فقال معاویة: هذه كلمات حكم فاكتبوها، و أقبل على عدی محادثا كأنه ما خاطبه بشی‏ء انتهى كلام مروج الذهب‏[703].


و سیأتی فی أصل الكتاب تمام القول فی ترجمة حجر بن عدی إن شاء اللّه العزیز العلیم سبحانه.


قوله علیه السّلام أ و لست المدعى زیاد بن سمیة المولود على فراش عبید ثقیف فزعمت أنه ابن أبیك‏


قال المسعودی فی مروج الذهب: أن معاویة ادعى ذلك و أدخله فی نسبه بشهادة أبی مریم السلولی، و كان أخبر الناس ببدو الامر، و ذلك أنه جمع بین أبی سفیان و سمیة أم زیاد فی الجاهلیة على زنا، و كانت سمیة من ذوات الرایات بالطائف تؤد الضریبة الى الحارث بن كلدة سمیة، فقال: ایتنی بها على ذفرها و قذرها فقال له زیاد: مهلا یا أبا مریم! انما بعثت شاهدا و لم تبعث شاتما، فقال أبو مریم: نعم لو كنت أعفیتمونی لكان أحب إلی و انما شهدت بما عاینت و رأیت، و اللّه لقد أخذ بكور[704] درعها و أغلقت الباب علیهما و قعدت دهشانا، فلم ألبث أن خرج‏


[صفحه 256]


ثم سلطته على العراقین، یقطع أیدی المسلمین و أرجلهم، و یسمل أعینهم، و یصلبهم على جذوع النخل كأنك لست من هذه الامة و لیسوا منك.


أ و لست صاحب الحضرمیین الذین كتب فیهم ابن سمیة انهم كانوا على دین علی علیه السّلام؟ فكتب الیه ان اقتل كل من كان على دین علی فقتلهم و مثلهم و دین علی علیه السّلام سر اللّه الذی كان یضرب علیه أباك و یضربك، و به جلست مجلسك الذی جلست، و لو لا ذلك لكان شرفك و شرف أبیك الرحلتین. (1)


______________________________

علی یمسح جبینه فقلت: مه یا أبا سفیان فقال: ما أصبت مثلها یا أبا مریم لو لا استرخاء من ثدیها و ذفر من مرفقیها.


فقام زیاد فقال: أیها الناس هذا الشاهد قد ذكر ما سمعتم و لست أدری حق ذلك من باطله، و انما كان عبید ابا مبرورا و ولیا مشكورا، و الشهود أعلم بما قالوا.


فقام یونس بن عبید أخو صفیة بنت عبید بن أسد بن علاج الثقفی، و كانت صفیة مولاة سمیة، فقال: یا معاویة قضى رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله الولد للفراش و للعاهر الحجر و قضیت أنت الولد للعاهر و أن الحجر للفراش، مخالفة لكتاب اللّه و انصرافا عن سنة رسول اللّه بشهادة أبی مریم على زنا أبی سفیان.


فقال معاویة: و اللّه لتنتهین یا یونس أو لأطیرن بك طیرة بطیئا وقوعها، فقال یونس: هل الا الى اللّه ثم أقع؟


فقال عبد الرحمن بن أم الحكم فی ذلك:

















أ لا أبلغ معاویة بن حرب‏


 

مغلغلة عن الرجل الیمانی‏


     


 

















أ تغضب أن یقال أبوك عف‏


 

و ترضى أن یقال أبوك زان‏


     


 

















فاشهد أن رحمك من زیاد


 

كرحم الفیل من ولد الاتان‏[705]


     


 


قوله علیه السّلام: لكان شرفك و شرف أبیك الرحلتین‏


الرحلة- بالكسر- الارتحال، الرحلة- بالضم- الوجهة التی یقصدها المرتحل‏


[صفحه 257]


و قلت فیما قلت «انظر لنفسك و لدینك و لأمة محمد و اتق شق عصا هذه الامة و ان تردهم الى فتنة» و انی لا أعلم فتنة أعظم على هذه الامة من ولایتك علیها و لا أعظم نظرا لنفسی و لدینی و لأمة محمد صلّى اللّه علیه و آله و علینا أفضل من أن أجاهدك، فان فعلت فانه قربة الى اللّه، و ان تركته فانی أستغفر اللّه لدینی و أسأله توفیقه لإرشاد أمری.


و قلت فیما قلت «أنی ان أنكرتك تنكرنی و ان أكدك تكدنی» فكدنی ما بدا لك فانی أرجو أن لا یضرنی كیدك فیّ، و أن لا یكون علیّ أحد أضر منه على نفسك، على أنك قد ركبت بجهلك و تحرصت علی نقض عهدك، و لعمری ما وفیت بشرط.


و لقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذین قتلتهم بعد الصلح و الایمان و العهود و المواثیق، فقتلتهم من غیر أن یكونوا قاتلوا و قتلوا، و لم تفعل ذلك بهم الا لذكرهم فضلنا و تعظیمهم حقنا، فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم متّ قبل أن یفعلوا أو ماتوا قبل أن یدركوا.


فأبشر یا معاویة بالقصاص و أستیقن بالحساب و اعلم أن للّه تعالى كتابا لا یغادر صغیرة و لا كبیرة الا أحصاها، و لیس اللّه بناس لأخذك بالظنة و قتلك أولیائه على‏


______________________________

فی مسیره.


و یعنی علیه السّلام بالرحلتین: رحلتی قریش بالشتاء و الصیف، للامتیار و الاتجار، كان لإشرافهم الرحلة فی الشتاء الى الیمن و فی الصیف الى الشام، فیمتارون و یتجرون و ذلك قصارى جاههم و شرفهم.


فدین الإسلام و هو دین رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و دین علی بن أبی طالب علیه السّلام علاهم و شرفهم و رفع قدرهم و أعلا منزلتهم، و جعل اللّه سبحانه استقرار ذلك منوطا بسیف علی علیه السّلام، و لذلك كان ضربة علی علیه السّلام یوم الخندق توازی عمل الثقلین و أفضل من عبادة الجن و الانس و أفضل من عمل الثقلین على اختلاف الروایات.


[صفحه 258]


التهم و نقل أولیائه من دورهم الى دار الغربة، و أخذك للناس ببیعة ابنك غلام حدث یشرب الخمر، و یلعب بالكلاب، (1)


______________________________

قوله علیه السّلام: ببیعة ابنك غلام حدث یشرب الخمر و یلعب بالكلاب‏


قال فی مروج: و كان یزید صاحب طرب و جوارح و قرود و فهود، و منادمة على الشراب، و عن یمینه ابن زیاد و غلب على أصحاب یزید و عماله ما كان یفعله من الفسوق، و فی أیامه ظهر الغناء بمكة و المدینة، و استعملت الملاهی، و أظهر الناس شرب الشراب.


و كان له قرد یكنى بأبی قیس یحضره مجلس منادمته، و یطرح له متكأ، و كان قردا خبیثا، فكان یحمله على أتان و حشیة قد ریضت و ذللت لذلك بسرج و لجام، و یسابق بها الخیل یوم الحلبة.


فجاء فی بعض الایام سابقا فتناول القصبة و دخل الحجرة قبل الخیل، و على أبی قیس قباء من الحریر الاحمر و الاصفر مشمر و على رأسه قلنسوة من الحریر ذات ألوان بشقائق، و على الاتان سرج من الحریر الاحمر منقوش ملون بأنواع من الالوان.


و عامله الذی استعمله على جیشه المبعوث من الشام الى المدینة قاتل فی الموضع المعروف بالحرة خلقا من بنی هاشم، و سائر قریش و أنصار، و غیرهم من خیار الناس و أفاضلهم و قتلهم.


و أخاف المدینة و ألهبها و قتل أهلها و بایعهم على أنهم عبیدا لیزید، و سماها «نتنة» و قد سماها رسول اللّه «طیبة» و قال: من أخاف المدینة أخافه اللّه.


و لیزید و غیره من بنی أمیة أخبار عجیبة و مثالب كثیرة: من شرب الخمور، و قتل ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و لعن الوصی، و هدم البیت و احراقه و سفك الدماء المحقونة، و الفسق و الفجور، و غیر ذلك مما قد ورد فیه الوعید بالیأس من غفرانه، كوروده فیمن جحد توحیده و خالف رسله انتهى ما فی مروج الذهب‏[706].


[صفحه 259]


لا أعلمك الا و قد خسّرت نفسك و تبّرت دینك و غششت رعیتك (1) و أخربت أمانتك و سمعت مقالة السفیه الجاهل و أخفت الورع التقی لا جلهم- و السّلام.


فلما قرأ معاویة الكتاب، قال: لقد كان فی نفسه ضب ما اشعر به.


فقال یزید یا أمیر المؤمنین أجبه جوابا تصغر الیه نفسه، و تذكر فیه أباه بشی‏ء فعله قال: و دخل عبد اللّه بن عمرو بن العاص، فقال له معاویة: أ ما رأیت ما كتب به الحسین؟ قال و ما هو؟ قال: فأقرأه الكتاب، فقال و ما یمنعك أن تجیبه بما یصغر الیه نفسه؟ و انما قال ذلك فی هوى معاویة، فقال یزید كیف رأیت یا أمیر المؤمنین رأی؟ فضحك معاویة فقال: أما یزید فقد أشار علی بمثل رأیك، قال عبد اللّه: فقد أصاب یزید.


فقال معاویة أخطأتما أ رأیتما لو أنی ذهبت لعیب علیّ محقا ما عسیت أن أقول فیه، و مثلی لا یحسن أن یعیب بالباطل و ما لا یعرف، و متى ما عبت به رجلا بما لا یعرفه الناس لم یخول به صاحبه و لا یراه الناس شیئا و كذبوه، و ما عسیت أن أعیب حسینا، و اللّه ما أرى للعیب فیه موضعا و قد رأیت أن أكتب الیه أتوعده و أتهدده ثم رأیت ألا أفعل و لا أمحله.


______________________________

قوله علیه السّلام: لا أعلمك الا و قد خسرت نفسك و تبرت دینك و غششت رعیتك‏


«خسرت» باهمال السین المشددة بعد الخاء المعجمة، أی أهلكتها من التخسیر بمعنى الاهلاك.


و «تبرت» بتشدید الباء الموحدة بعد التاء المثناة من فوق، من التتبیر تفعیلا من التبر- بفتح التاء المثناة من فوق و اسكان الباء الموحدة- بمعنى الكسر و الاهلاك، و التبار- بالفتح أیضا- الهلاك.


و ایم اللّه لقد بلغ معاویة من خسارة نفسه و تبار دینه و غشه رعیته الى خیانته ایاهم فی الدین أمد الاحد فوقه.


 

[691] رجال الشيخ: 47

[692] رجال الشيخ: 69

[693] القاموس: 1/ 112

[694] القاموس: 1/ 261

[695] القاموس: 4/ 263

[696] القاموس: 2/ 5

[697] الاستيعاب: 1/ 359

[698] رجال الشيخ: 38

[699] رجال الشيخ: 67

[700] و في المصدر: الزجر

[701] و في المصدر: حد

[702] و في المصدر: حز

[703] مروج الذهب: 3/ 3- 5

[704] كار الشى‏ء يكور كورا دار و كور العمامة دورها( منه) و في المصدر: بكم درعها

[705] مروج الذهب: 3/ 6- 8

[706] مروج الذهب 3/ 67- 72